إستمرارا لحلقاتنا الشيقة والناجحة نجوم زمان نواصل معكم الحديث عن أساطير وأعلام كرة القدم بالنادى الأهلى الذين سطروا تاريخهم بأحرف من نور وزرعوا محبتهم فى الصدور فأصبحوا سيرا لا تنسى عبر الدهور .
موعدنا اليوم مع النجم العظيم
رفعت الفناجيلى الشهير بالمدفعجى أحد أساطير كرة القدم بنادى القرن .
ميلاده وبدايته
ولد الفناجيلى في أول مايو 1936بمحافظة دمياط ، وبدأ مشواره العظيم مع لعبة كرة القدم فى صفوف نادى السويس ولعب فيه فترة بعدها انتقل للنادى الأهلى وذلك فى مطلع موسم 53-54 بعد أن اكتشفه عم عبده البقال نجم الإكتشافات الذهبية وكان عمره وقتها 16 سنة وضمه للنادى الأهلى .
الفناجيلى فى النادى الأهلى
كعادة أى لاعب يلعب بين جدران النادى الأهلى بدأ الفناجيلى مشواره مع النادى حافلا بالبطولات والإنجازات حيث حصد مع الأهلى سبع بطولات دورى ممتاز وستة بطولات كأس بين مجموعة رائعة من النجوم الساطعة أمثال صالح سليم وطه إسماعيل وعادل هيكل والجوهرى والضيظوى وطارق سليم .
وكان الفناجيلى قائدا عظيما حيث اشتهر بأنه القائد المحنك والخبير فى الفريق ، وكان يشتهر بالمهارة الفائقة ودقة التسديد من مسافات بعيدة حتى عرف بالمدفعجى حيث كان قادرا على تسجيل الأهداف من مسافات بعيدة، فقد كان من أعظم وأبرع الشويطة، وطالما أنقد النادى الأهلى ومنتخب مصر فى اللحظات الحرجة بتسديداته القاتلة البارعة وهى سلاحه الخاص والمتفرد ، ولم يكن لاعبا عاديا بأى حال بل كان لاعبا موهوبا اشتهر بصناعة الأهداف بدقة شديدة وصناعة الهدافين بل أيضا اشتهر بأحراز الأهداف الرائعة .
وقد حاز الفناجيلى على لقب المهندس لأنه كان يفكر بقدمه ويلعب برأسه، ويمرر كرات بالقدم والمسطرة،وكان الفناجيلى قادرا على تحديد إيقاع المباراة، وتحويلها من موقف الدفاع إلى الهجوم والعكس حسب احتياجات الفريق ، وقد تلقى الفناجيلى أكثر من عرض للإحتراف الخارجى إلا أنه فضل البقاء فى مصر بين جدران ناديه الأهلى .
قصته مع المنتخب الوطنى
لعب الفناجيلى فى صفوف المنتخب الوطنى لمدة تزيد عن 17 عاما ما يقرب من و 62 مباراة دولية بداية من عام 53 وحتى عام 1970 حيث خاض خلال تلك الفترة ثلاث دورات أوليمبية ونجح فى الفوز بالمركز الرابع مع الفريق القومى فى دورة طوكيو عام 1964 كما حصل على لقب أحسن مدافع فى دورة روما الأوليمبية عام 1960
ومن أشهر الأهداف التى سجلها مع المنتخب الوطنى الهدف الذى سجله من 35 ياردة فى منتخب إيطاليا، فى الدقائق الأخيرة، وكان هدف التعادل فى دورة ألعاب البحر المتوسط الرابعة عام 1963 فى نابولى. وأيضا هدف الفوز الذى سجله فى مرمى منتخب ليبيا فى الدقيقة الأخيرة، بتمريره من الشاذلى على خط ال 18. وكانت النتيجة التعادل 2/ 2 فأطلق قذيفة أرضية فى الزاوية اليمنى سكنت الشباك الليبية .
وفى دورة طوكيو الأوليمبية كان للفناجيلى نصيبا فى لقب الهداف الذى أحرزه مصطفى رياض بفضل تمريراته المتقنة التى سجلها رياض ببراعة كما كان صانع ألعاب من الدرجة الأولى ومن اللاعبين المميزين الذى لهم الفضل فى ظهور نجوم كبار أمثال الجوهرى والضيظوى وحماده إمام وعز الدين يعقوب حيث ما كان لهؤلاء أن يظهروا ويلمعوا بدون وجود صانع ألعاب فى قدرة وبراعة الفناجيلى .
الفناجيلى الإنسان
كان الفناجيلى رغم نجوميته شهما بكل ما تحمله الكلمة من معان فكان يتسم بسمات أولا البلد الكرام من شهامة ومروءة وتواضع وروح رياضية عالية إضافة إلى الحياء .
وإليكم هذه القصة : ذات مرة غضب من زميله طه إسماعيل لأنه لا يمرر الكرة له ولا يتلقى منه التمريرات كى يسددها على المرمى بطريقة هات وخد ، فقال للشيخ طه فى الملعب كل واحد يلعب فى حتته وتحولت هذه العبارة إلى قول مأثور يتندر به اللاعبون .
وبعد التدريب، اشتكى لمدير الكرة وقتها الكابتن على زيوار، الذى استدعى طه إسماعيل فى الحال وسأله لماذا أغضبت الفناجيلى، ولماذا تتجاهل تمرير الكرات إليه ، فرد الكابتن طه : كيف أتجاهل أستاذى ومعلمى وقدوتى!؟ ، أنا أعتبر الفناجيلى أستاذى، وقتها قام الكابتن على زيوار باستدعاء الفناجيلى فى الحال وطلب من طه إسماعيل أن يعيد على مسامعه ما قاله منذ لويحظات فإذا بالفناجيلى يبكى بكاء شديدا ويطلب تقبيل رأس طه إسماعيل والاعتذار له .
قصة الهدف التاريخى
فى أحد المواسم وتحديدا موسم 62-63 وكان هناك مبارة أخيرة فى الدورى بين الأهلى والزمالك والتعادل يمنح الأهلى لقب الدورى بينما الزمالك ينبغى عليه الفوز لنيل اللقب وكانت مباراة فى غاية الأهمية من قبل وسائل الإعلام لإنها تحدد بطل الدورى وكان ينقص الأهلى فى هذه المباراة الحاسمة أهم عناصره الأساسية مثل صالح سليم وطه إسماعيل والجوهرى وميمى الشربينى بينما الزمالك مكتمل الصفوف يمتلئ بالنجوم الكبيرة التى تصنع الفارق مثل حماده إمام وعلى محسن و نبيل نصير وعبده نصحى وقطب ويكن حسين وأبو رجيلة وألد وأحمد مصطفى وعمر النور .
ولم يجد الكابتن عبد صالح الوحش مدرب الأهلى وقتها سوى الدفع ببعض الناشئين لتعويض النقص والغيابات فدفع بعولى مطر وكان جناحا أيمنا ولعب على أبو رجيلة الظهير القشاش أو الليبرو فى نادى الزمالك ،ودفع فى الجناح الأيسر بريعو والذى سيلعب عن يكن حسين ملك التغطية ونجم المنتخب الوطنى ،بينما دفع بمحمود السايس كمهاجم بدلا من طه إسماعيل والذى حصل على أفضل لاعب فى مصر موسم 61-62 .
وكانت التجربة الثانية للناشئ سعيد أبو النور وسط دفاع النادى الأهلى وكان القائد فى هذه المباراة هو الكابتن رفع الفناجيلى ، وتوقع الجميع من جماهير وإعلام وصحافة أن يفوز الزمالك بكل سهولة بل يحقق إنتصارا ساحقا على الأهلى بينما كان للفناجيلى رأيا آخرا ودخل فى تحد مع الإعلام الأهلاوى أحمد فراج زوج الفنانة صباح والذي كان يقدم البرنامج الديني نور علي نور يث ذكر لة في التدريب السابق للمبارة أنة سيحرز هدفا علي شمال حارس الزمالك ألدو وعلي أرتفاع أكثر من متر عن الأرض فما كان من فراج إلا أن قال له لو فعلت سأعطيك خمسين جنيها وكانت ثروة كبيرة فى هذا الوقت .
بدأت المباراة وفوجئ الجميع بلعب جماعى من الأهلى وإنتشار وأداء رائع وإذا بالأهلى يتقدم عن طريق السايس من تمريرة قاتلة من الفناجيلى وفى الشوط الثانى أضاع الفناجيلى كرة سهلة أخطأ فيها أحمد مصطفى مدافع الزمالك فأراد أن يعدل الكرة ليلعبها على شمال ألدو كما وعد فتدخل يكن حسين وأنقذ الموقف .
قصة الهدف جاءت عندما أنطلق علوي مطر بالكرة من الجناح الأيمن ثم راوغ أبو رجيلة الذي أنطرح أرضا بعد عملية فرملة فاشلة ثم قام بإرسال الكرة بالعرض ولكن يكن حسين إنبرى لها وأخرجها برأسه على قوس منطقة الجزاء فاستقبلها الفناجيلى على دره افنحرفت يسارا إلا أنه عدلها بفخذه الأيسر نحو قدمه اليمنى وصوب كرة فى غاية القوة بلا رحة أو شفقة على شمال ألدو حارس مرمى الزمالك ليصدق القول فيما قال وما وعد .
بعد الهدف جرى الفناجيلى فرحا نحو مدرج الدرجة الأولى فإذا بنقود ورقية تتطاير من المقصورة فى إتجاهه وكأن المكافأة التى وٌعد بها قد دفعت فورا ، واختتم طارق سليم المهرجان محرزا الهدف الثالث لتنتهى المباراة بثلاثية نظيفة ويحرز الأهلى بطولة الدورى .
إعتزاله ووفاته
وبعد حرب 1967 إعتزل الفناجيلى وكذلك معظم أفراد جيل الستينيات فى مصر ومنحه المشير عبد الحكيم عامر رتبة ملازم و تم منحه لقب نجم عام 1960 من النقاد.
ولم يتجه إلى مجال التدريب أو الإدارة كما فعل أقرانه إلا في فترات قصيرة للغاية تولى خلالها تدريب فريق مدينته دمياط واتجه إلى العمل الخاص , وكان ظهوره قليلا في المناسبات الرياضية , ربما بسبب شكواه المستمرة من التجاهل الإعلامي له بعد اعتزاله , ولكن عرف عنه في تصريحاته الصحفية القليلة إعجابه الشديد بمهارات رضا عبد العال لاعب الأهلي الأسبق الذي كان يعتبره أكثر لاعبي الأهلي شبها به من حيث الأداء.
وترك الفناجيلى المجال الرياضى عام 1979 ، وقد مر الفناجيلي بظروف صحية صعبة خلال سنوات حياته الأخيرة , حيث أصيب بالشلل منذ عشر سنوات , وقبل رحيله بقليل , تدهورت حالته بعد إصابته بمتاعب في الكلى , وتم إدخاله إلى مركز الكلى في المنصورة للعلاج , ولكنه فارق الحياة يوم الأربعاء فى الثالث والعشرين من شهر يونيو لعام 2004 .
وأخيرا لنا كلمة
حقا إنهم نجوما بمعنى الكلمة لعبوا بإخلاص ووفاء وحملوا على أكتافهم محبة الجمهور لهم فأفنوا عملهم ولم ينظروا إلى ما ينظر إليه هذا الجيل ، أقسم بالله أكون فى قمة سعادتى وانا أكتب حلقات هؤلاء النجوم العظام الذين يستحقون منا كل فخر وتقدير وإجلال لما قدموه من إخلاص وتفان فى حب ناديهم بل وبلدهم مما جعل لهم نصيبا فى قولب جمهورهم الحميم وأصبحوا سكانا لديار الكثيرين .
إنه الموهوب المدفعجى رفعت الفناجيلى الذى لم يتوانى لحظة فى الدفاع عن الأهلى والمنتخب المصرى ولم يهرب من ناديه أو منتخب بلاده مبررا ذلك بأشياء فارهة تافهة حاملا البطولات والإنجازات والأهم منه حب الناس إلى وقتنا هذا فحفظنا أسمائهم عن ظهر قلب وعشقنا هؤلاء العظام نجوم زمان